( بشار وعبده )
كان بشار بن بُرد عظيم الخَلق ، مجدورا طويلا ، جاحظ الحدقتين ، وكان أقبح الناس عمىً ، وأفظعهم منظرا ، قالت له امرأته ذات يوم :
يا أبا معاذ ، ما أدري لم يهابك الناس مع قبح وجهك
.
فأجابها :
- ليس من حسنه يهاب الأسد !
وكان بشار يلقب المرعث . وقيل إنما سمي بذلك لقوله :
قال ريمٌ مُرَعّثٌ *** ساحر الطرف والنظر
لستَ والله نائلي *** قلتُ أو يغلب القدر
أنت إن رُمتَ وصلنا *** فانجُ هل تدرك القمر ؟
قيل لبشار :
بينما تقول شعرا تُثير به العقول والألباب مثل قولك :
إذا ما غضبنا غضبةً مضريةً *** هتكنا حجاب الشمس أو تمطرُ الدُما
اذا ما أعرنا سيداً من قبيلةٍ *** ذرى منبرٍ صلى علينا وسلما ...
تقول يا أبا معاذ :
ربابةُ ربة البيت *** تصبُ الخل في الزيتِ
لها عشر دجاجاتٍ *** وديكٌ حسنُ الصوتِ
فأجاب بشار :
- أجل ، ولكن لكل شىء وجهٌ وموضع . فالقول الأول جِدٌ ، وهذا قلته في ربابة جاريتي ، وأنا لا آكل البيض من السوق ، وربابة لها عشر دجاجات وديك ، وهي تجمع لي البيض ، فهذا عندها من قولي أحسنُ من : " قفا نبكِ من ذكرى حبيبِ ومنزلِ " عندك أنت .